الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال أبو جعفر النحاس: تفسير سورة الرعد مدنية وآياتها 43 آية.بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِسورة الرعد وهي مدنية:1- من ذلك قوله جل وعز: {المر تلك آيات الكتاب} [آية: 1] هذا تمام الكلام ومن ذهب إلى أن كل حرف من هذه يؤدي عن معنى قال المعنى أنا الله أرى.2- وقوله جل وعز: {الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها} [آية 2] المعنى ترونها بغير عمد.ويجوز أن يكون الضمير يعود على العمد.3- ثم قال جل وعز: {وسخر الشمس والقمر} [آية 2] أي أنهما مقهوران مدبران فهذا معنى التسخير في اللغة.4- ثم قال تعالى: {وهو الذي مد الأرض} [آية 3] أي بسطها وجعل فيها رواسي أي جبالا.{ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين} أي صنفين وكل صنف زوج.5- ثم قال تعالى: {وفي الأرض قطع متجاورات} [آية 4] وفي هذا قولان قال ابن عباس يعني الطيب والخبيث والسباخ والعذاب وكذلك قال مجاهد والقول الآخر أن في الكلام حذفا والمعنى وفي الأرض قطع متجاورات وغير متجاورات كما قال سرابيل تقيكم الحر والمعنى وتقيكم البرد ثم حذف ذلك لعلم السامع والمتجاورات المدن وما كان عامرا وغير متجاورات الصحارى وما كان غير عامر.6- ثم قال تعالى: {وجنات من أعناب} [آية 4] أي وفيها جنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان [آية 4] وقرأ صنوان بضم الصاد أبو رجاء وأبو عبد الرحمن وطلحة وروى أبو إسحاق عن البراء قال الصنوان المجتمع وغير صنوان المتفرق حدثنا زهير بن شريك قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال حدثنا زهير بن معاوية قال أبو إسحاق عن البراء في قوله صنوان وغير صنوان قال الصنوان ما كان أصلحه واحدا وهو متفرق وغير صنوان التي تنبت وحدها وكذلك هو في اللغة يقال للنخلة إذا كانت فيها نخلة أخرى أو أكثر صنوان فإذا تفرقت قيل غير صنوان.7- ثم قال جل وعز: {يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل} [آية 4] أي في الثمر أي هي تأتي مختلفة وإن كان الهواء واحدا فقد علم أن ذلك ليس من أجل الهواء ولا الطبع وأن لها مدبرا.وروى سفيان عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى ونفضل بعضها على بعض في الأكل قال الحلو والحامض والفارسي والدقل.8- ثم قال تعالى: {وإن تعجب فعجب قولهم} [آية 5] أي إن تعجب من إنكارهم البعث بعد هذه الدلائل فإن ذلك ينبغي أن يتعجب منه.9 وقوله تعالى: {ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة} [آية 6] روى معمر عن قتادة قال بالعقوبة قبل العافية قال غيره يعني قولهم: {اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء}.10- ثم قال تعالى: {وقد خلت من قبلهم المثلات} [آية 6] قال مجاهد يعني الأمثال وقال قتادة يعني العقوبات قال أبو جعفر وهذا القول أولى لأنه معروف في اللغة أن يقال للعقوبة الشديدة مثلة ومثلة وروى عن الأعمش أنه قرأ المثلات بضم الميم والثاء وهذا جمع مثله وروي عنه أنه قرأ المثلات بضم الميم وإسكان الثاء وهذا أيضا جمع مثلة ويجوز المثلات تبدل من الضمة فتحة لثقلها وقيل تأتي بالفتحة عوضا من الهاء وروي عن الأعمش أيضا أنه قرأ المثلات بفتح الميم وإسكان الثاء فهذا جمع مثلة ثم حذف الضمة لثقلها.11- وقوله جل وعز: {وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم} [آية 6] روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب قال لما نزلت وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا عفو الله ورحمته وتجاوزه لما هنا أحدا عيش، ولولا عقابه ووعيده وعذابه لاتكل كل واحد».12- وقوله تعالى: {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} [آية 7] قال مجاهد وقتادة وهذا معنى كلامهما إنما أنت منذر يعني النبي صلى الله عليه وسلم ولكل قوم هاد أي نبي يدعوهم وروى سفيان عن أبي الضحى {إنما أنت منذر} قال النبي صلى الله عليه وسلم {ولكل قوم هاد} قال الله جل وعز وروى علي بن الحكم عن الضحاك {ولكل قوم هاد} قال الله عز وجل وقال أبو صالح المعنى لكل قوم داعي هدى أو داعي ضلالة والذي يذهب إليه جماعة من أهل اللغة أن المعنى أنهم لما اقترحوا الآيات أعلم الله جل وعز أن لكل قوم نبيا يهديهم ويبين لهم وليس عليه أن يأتيهم من الآيات بما يقترحون وروى سفيان عن عطاء عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {إنما أنت منذر} قال النبي صلى الله عليه وسلم ولكل قوم هاد قال الله جل ذكره.وروى سفيان عن السدي عن عكرمة في قوله جل وعز: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} قال سفيان يعني من ذكر أو أنثى.13 ثم قال تعالى: {وما تغيض الأرحام وما تزداد} [آية 8] قال الحسن والضحاك هو نقصان الولد عن تسعة أشهر وزيادته عليها وقال قتادة تغيض السقط وتزداد على التسعة أشهر وقال مجاهد الغيض النقصان فإذا أهراقت في المرأة الدم وهي حامل انتقص الولد وإذا لم تهرق الدم عظم الولد وتم وقال سعيد بن جبير إذا حملت المرأة ثم حاضت نقص ولدها ثم تزداد به الحمل مقدار ما جاءها الدم به وقال عكرمة الغيض أن ينقص الولد بمجيء الدم والزيادة أن يزيد مقدار ما جاءها الدم فيه حتى تستكمل تسعة أشهر سوى الأيام التي جاءها الدم فيها.14- وقوله جل وعز: {سواء منكم من أسر القول ومن جهر به ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار} [آية 10] قال ابن عباس السارب الظاهر قال قتادة السارب الظاهر الذاهب وقال مجاهد ومن هو مستخف بالليل أي مستتر بالمعاصي وسارب بالنهار ظاهر وقال بعض أهل اللغة ومن هو مستخف بالليل أي ظاهر من خفيته إذا أظهرته وسارب بالنهار أي مستتر من قولهم انسرب الوحش إذا دخل كناسه قال أبو جعفر القول الأول أولى لجلالة من قال به وأشبه بالمعنى لأن المعنى والله أعلم سواء منكم من أسر منطقه أو أعلنه واستتر بالليل أو ظهر بالنهار وكل ذلك في علم الله سواء وهو في اللغة أشهر وأكثر قال الكسائي يقال سرب يسرب سربا وسروبا إذا ذهب وحكى الأصمعي خل له سربه أي طريقه.15- ثم قال جل وعز: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله} [آية 11] في الآية ثلاثة أقوال روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال ملائكة يحفظونه فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه وروى معاوية بن صالح عن علي بن أبى طلحة عن ابن عباس له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله قال بإذن الله وهي من أمر الله وهي ملائكة قال الحسن عن أمر الله قال مجاهد وقتادة وهذا لفظ قتادة وهي ملائكة تتعاقب بالليل والنهار عن أمر الله أي بأمر الله فهذا قول والقول الثاني أنه روي عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه} قال هم السلاطين الذين لهم قوم من بين أيديهم ومن خلفهم يحفظونهم من أمر الله فإذا جاء أمر الله لم ينفعوا شيئا وروى علي بن الحكم عن الضحاك قال هو السلطان المتحرس من الله وذلك أهل الشرك.وروى شعبة عن شرقي عن عكرمة قال هم الأمراء فهذان قولان والقول الثالث أن ابن جريج قال هو مثل قوله عن اليمين وعن الشمال قعيد فالذي عن اليمين يكتب الحسنات والذي عن الشمال يكتب السيئات ويحفظونه أي يحفظون عليه كلامه وفعله وأولى هذه الأقوال الأول لعلو إسناده وصحته ويقويه أن مالك بن أنس روى عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لله ملائكة يتعاقبون فيكم بالليل والنهار وذكر الحديث وروى شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى: {إن قرآن الفجر كان مشهودا} قال تدور كالحرس ملائكة الليل وملائكة النهار وروى ابن عيينة عن عمرو عن ابن عباس انه قرأ معقبات من بين يديه ورقباء من خلفه من أمر الله يحفظونه فهذا قد بين المعنى وقال الحسن في المعنى يحفظونه عن أمر الله وهذا قريب من الأول أي حفظهم إياه من عند الله لا من عند أنفسهم وروى عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء في قوله له معقبات من بين يديه ومن خلفه قال النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يريد الملائكة أيضا وعن بعضهم أنه قرأ معاقيب من بين يديه ومن خلفه ومعاقيب جمع معقب وتفسيره كتفسير الأول.16- وقوله جل وعز: {وما لهم من دونه من وال} [آية 11] أي ليس أحد يتولاهم من دون الله ووال وولي واحد كما يقال قدير وقادر وحفيظ وحافظ.17- وقوله جل وعز: {هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا} [آية 12] قال الحسن ومجاهد وقتادة أي خوفا للمسافر وطمعا للحاضر والمعنى أن المسافر يخاف من المطر ويتأذى به قال الله تعالى: {أذى من مطر} والحاضر المنتفع بالمطر يطمع فيه إذا رأى البرق.18- ثم قال تعالى: {وينشئ السحاب الثقال} [آية 12] قال مجاهد التي فيها المطر.19- ثم قال تعالى: {ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته} [آية 13] روى سفيان عن سالم عن أبي صالح قال الرعد ملك يسبح وروى عثمان بن الأسود عن مجاهد قال الرعد ملك يسمى الرعد ألا تسمع إلى قوله ويسبح الرعد بحمده وروى سفيان عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد قال الرعد ملك يزجر السحاب بصوته وقال عكرمة الرعد ملك يصوت بالسحاب كالحادي هذه بالإبل وروي أن ابن عباس كان إذا سمع صوت الرعد قال سبحان الذي سبحت له وروى مالك عن عامر بن عبد الله عن أبيه كان إذا سمع صوت الرعد لهي من حديثه وقال سبحان من سبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثم يقول إن هذا وعيد لأهل الأرض شديد.20- ثم قال تعالى: {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله} [آية 13] يجوز أن تكون الواو واو حال أي يصيب بها من يشاء في حال مجادلته لأنه يروى أن أربد سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أخبرنا عن ربنا أهو من نحاس أو من حديد فأرسل الله صاعقة فقتلته ويجوز أن يكون قوله وهم يجادلون في الله منقطعا من الأول.21- ثم قال تعالى: {وهو شديد المحال} [آية 13] قال ابن عباس أي الحول وقال قتادة أي الحيلة وقال الحسن المكر وروي عن الحسن أنه قال أي الهلاك وهذه أقوال متقاربة وأشبهها بالمعنى والله أعلم أنه الإهلاك لأن المحل الشدة فكأن المعنى شديد العذاب والإهلاك وقد قال جماعة من أهل اللغة منهم أبو عبيدة وأبو عبيد هو المكر من قولهم محل به وأنشد بيت الأعشى:وقال أبو عبيد الشبه بقول ابن عباس أن يكون قرأ شديد المحال بفتح الميم فأما الأعرج فالمعروف من قراءته المحال بفتح الميم ومعناه كمعنى الحول من قولهم لا حول ولا قوة إلا بالله فأما معنى المكر من الله فهو إيصال المكروه إلى من يستحقه من حيث لا يشعر.22- وقوله جل وعز: {له دعوة الحق} [آية 14] روى إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال لا إله إلا الله وكذلك قال قتادة والضحاك.23- ثم قال تعالى: {والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه} [آية 14] قال مجاهد أي يشير إلى الماء بيده ويدعوه بلسانه وقال غيره أي الذي يدعو الأصنام بمنزلة القابض على الماء لا يحصل له شيء.24- وقوله جل وعز: {ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها} [آية 15] قيل من أسلم طوعا ومن لم يسلم حتى فحص عن رأسه بالسيف فكان أول دخوله كرها وقيل إنما وقع هذا على العموم لأن كل من عبد غير الله فإنما يقصد إلى ما يعظم في قلبه والله العظيم الكبير والسجود في اللغة الخضوع والانقياد وليس شيء إلا وهو يخضع لله وينقاد له.25- ثم قال تعالى: {وظلالهم بالغدو والآصال} [آية 15] يروى أن الكافر يسجد لغير الله وظله يسجد لله وهذا من الانقياد والخضوع وقيل الظلال ها هنا الأشخاص.26- وقوله جل وعز: {أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم} [آية 16] أي هل رأوا غير الله خلق مثل خلقه فتشابه الخلق عليهم.27- وقوله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها} [آية 17] قال ابن جريج أخبرني ابن كثير قال سمعت مجاهدا يقول بقدر ملئها قال ابن جريج بقدر صغرها وكبرها وقرأ الأشهب العقيلي فسالت أودية بقدرها والمعنى واحد وقيل معناها بما قدر لها.28 ثم قال تعالى: {فاحتمل السيل زبدا رابيا} [آية 17] أي طالعا عاليا قال مجاهد تم الكلام.29- ثم قال تعالى: {ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله} [آية 17] قال مجاهد المتاع الحديد والنحاس والرصاص قال غيره الذي يوقد عليه ابتغاء حلية الذهب والفضة.30- ثم قال تعالى: {فأما الزبد فيذهب جفاء} [آية 17] قال مجاهد أي جمودا قال أبو عمرو بن العلاء رحمه الله يقال أجفأت القدر إذا غلت حتى ينضب زبدها وإذا جمد في أسفلها قال أبو زيد وكان رؤبة يقرأ فيذهب جفالا يقال جفلت الريح السحاب إذا قطعته وأذهبته.
|